حفنة التراب
فتحت كرمة حقيبتها ورفعت رأسها ، ونظرت الى الجندي الشاب الواقف امامها في
نقطة الحدود في الناقورة وقالت: لا تتعب نفسك يا بني .
لا يوجد شيء ..
وشعرت ان كلمة "يا بني" خرجت على لسانها بدون قصد .
قال الجندي بعربية ركيكة: ملابس بره .
فأخرجت الملابس من الحقيبة ووضعتها على الطاولة الخشبية وهي تقول: نسأل الله السترة .
نظر الجندي الى كيسين من الورق بقيا في قاع الحقيبة وقال: افتح كيس .
تناولت كرمة الكيس الاول وفتحته وهي تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقالت :
زعتر. زعتر من بلدنا. من مراح الغزلان .
وعندما فتحت الكيس تضوعت رائحة الزعتر الاخضر المبهر بالسماق والسمسم .
فقال الجندي مخاطبا زميلة شابة: العرب يحبون الزعتر. وانا احب الكافيار .
فردت المجندة: طعام بدائي . س
تناولت كرمة ملابسها لتعيدها الى الحقيبة فنهرها الجندي: "افتح كيس"،
وأشار الى الكيس الثاني .فتحت كرمة الكيس .
نظر الجندي اليها وقال: تراب. ألا يوجد تراب في لبنان؟ ردت باقتضاب: يوجد .
أعادت ترتيب حاجاتها في الحقيبة، وحملتها وعبرت نقطة الحدود وهي تبتسم:
هذا تراب غير شكل..من تراب ميعار. سأوزعه هدايا للأهل في مخيم البص.. لكل واحد حفنة .
ومدت راحة يدها اليسرى تتحسس كيسا صغيرا في عبها وهي تقول:
هذه حصتك يا كرمة..من تراب "الرباع الشرقي".