أَتَذْكُرُني ؟!
أَتَذْكُرُ يومَ أنْ هَيّأْتَ لي كَفَني
ويومَ غَرَسْتَ سيخَ النارِ في بَدَني
ويومَ سَلَخْتَني عن رِقْعَةِ الوطنِ
أنا ما زلتُ أَذْكُرها
سُوَيْعاتٍ تَقَزّمَ دونَها زمني
أنا ما زلتُ أسمعُ صرخةَ الألمِ
من الرأسِ... إلى القدمِ
وأسمعُ عصفَ ريحِ الموتِ في القبرِ
أشمُّ شِواءَ لحمِ الظهرِ والصدرِ
وغرسَ الخنجرِ المسمومِ في زِنْدي
وسَحْبِ الظفرِ بالأسنانِ من جِلدي
أَتَذْكُرُني
أنا المولودُ تحت القَصْفِ في المَلْجَأْ
أنا مَنْ قادَهُ الإعصارُ والتيارُ لِلْمَرْفَأْ
وجئتُ إليك رغمَ قساوةِ القيدِ
هزمتُ السورَ والحراسَ والعسكرْ
هدمتُ زنازنَ المَخْفرْ
وأرخيتُ العنانَ لمهريَ الأسمرْ
إلى عكا... إلى يافا... إلى غزةْ.. إلى حيفا
إلى زيتونِنا الأخضرْ
إلى موالِنا المطعونِ بالخنجرْ
غداً يا زفرةً في الصدرِ تختنقُ
سيومضُ ذلك الأفقُ
ثقيلٌ غيمهُ الممتدُّ فوقَ البحرِ...
فوق السهلِ... فوق سنابلِ القمحِ
سيرعدُ ذلك المسودُّ يوماً ثم ينفجرُ
ومن شفتيكَ يا جرحي
سيورقُ ذلك الشجرُ
سينطق ذلك الحجرُ
ليقطعَ كَفّ من كسروكَ يا قمرُ
غداً يا ليلةَ العُرْسِ
سيجري السيلُ مَحْموماً إلى بوابةِ القدسِ
ليغسِلَها... من القَدَمِ... إلى الرأسِ
يمشطُ شعرَها المَنْسيَّ بين سنابلِ القمحِ
ويحملُها على الكتفين مع إشراقةِ الشمسِ
لتنطلقَ الزغاريدُ
لتهتزَّ العـــــناقيدُ
على خديكِ يا قدسُ