عناوين وهوامش
كتاب الحياة كما أي كتاب .. فيه العناوين البارزة وفيه
من الهوامش العديد ..
في كل كتاب يكون هناك عنوان واحد .. وعدد كبير من
الهوامش .. وقد يكون هناك أكثر من عنوان لكن واحد منهم
أما الباقي فهم عناوين ثانوية .. فرعية .. هامشية ..
ويبقى عنوان واحد فقط هو الرئيس ..
فحديثنا الآن هو عن الهوامش والعناوين .
حتى نكون عناوين في كتاب الحياة لا بد لنا من مواصفات ..
وحتى نكون عناوين بارزة وعناوين رئيسة وعناوين مقروءة
وعناوين منتظرة يجب أن نتحلى في صفات ومواصفات
مميزة أهمها ..
الخلق .. يجب أن تكون أخلاقنا سمحة .. دمثة .. طيبة ..
كنسائم الريح العليل أينما هبت وكيفما اتجهت فتركض
نحوها الأنوف وتلهث وراؤها الرئات ..
الفكر .. لا بد أن يكون لدينا فكر حرٌّ مستقل ناضج ترسخ
جذوره في تربة خصبة صلبة عميقة بحيث لا يميل كيفما
مالت الريح فنراه يوماً في الشرق ويوماً في الغرب .
المبدأ .. المبدأ الراسخ الذي لا يحيد عنه المرء ولا
يتزحزح مهما جثمت على صدره من صخور وعقبات .. يعيش
ويموت ويورث لأحفاده نفس المبدأ دون زيادة أو نقصان ..
السلوك .. يجب أن يكون سلوكنا واضحاً وسوياً في كل
المواقف وفي كل اللحظات .. ساعة الشروق لا تختلف
عن ساعة الغروب .. المزاجية ليس لها قدم تزحف بها
هنا على أرضنا وتعبث في زرعنا ..
احترام الآخر .. يجب احترام الآخر حتى لو اختلف معنا في
وجهة نظره .. لكلٍ وجهة نظر هو وحده المسؤول عنها ..
نحن لا نسائل الآخر ولا نعاقبه ..
ولكن على الآخر أيضاً أن يلتزم حدوداً معينة في تعامله
معنا حتى يضمن لهذا الاحترام الاستمرارية .. وأول هذه
الحدود هو عدم المساس في ديننا أو بشكل عام عدم
المساس في الأديان جميعها ..
عدم المساس من قريب أو من بعيد في وطننا وعروبتنا
وأمتنا العربية ولغتنا العربية ..
عدم المساس في أسرتنا الصغيرة ..
هذه تعتبر بالنسبة إلينا خطوط حمراء يجب على الآخر أن
يحترمها وألا يتجاوزها وإلا فإن هذا سيعرض احترامنا
للآخر للتعثر .. وقد يقع بشكل نهائي .
الرحمة والشفقة والتسامح والمغفرة كلها أخلاق ومبادىء
وسلوكيات لن نكون عناوين بارزة من دونها ولن نكون
عناوين أصلاً إن لم نتحلَ في هذه الصفات مجتمعة وتكون
متأصلة فينا ..
ومن الطبيعي إن فقدنا صفة العنوان أي إن لم نكن
عنواناً أو عنواناً بارزاً أو عنواناً رئيساً فنحن بالتأكيد
ستقبع في زوايا الهامش التي مهما كبرت ومهما علت ومهما
امتدت ستبقى هوامشاً ..
نجاحها مجرد فقاعة صابون بريقها يجذب الأنظار لكن
لبعض الوقت لأنه سرعان ما سيزول ..
بقي أن أقول أنه إن كنا في يوم ما عناوين فلا يمكن أن
نصبح فجأة هوامش لأنه مهما علا سقف الهامش و تدنى سقف
العنوان .. يبقى العنوان عنواناً والهامش هامشاً ...
مما راق لي فنقلته لكم احبتي