سنرجع مع أسراب السنونو
سنرجع إلى حينا العتيق لنقبل حجارة الدار ونشم زوايا المكان الذي يعبق برائحة الذكريات
وقصص الحنين ورائحة القهوة والزعتر والياسمين ، وحكايا العشق وأساطير المساء يوم كنا
نتحلق حول مدفأة الشتاء والكون يلفه صمت وخشوع العاشقين ، في مساءات كانون وتشرين .
نرهف السمع لصوتك الملائكي يروي حكايا أثيرة على قلوبنا الصغيرة الجذلى ، التي كانت
ترفرف مثل فراخ الحمائم عندما تلوذ بأمها ... هل تذكرين ؟
يوم رحلنا بكت حجارة الدار وناح الحمام على الفنن ، وغادرت الشحارير أعشاشها مع السنون
و والسمان في رحلة إلى الشمال .ترقبي عودتي مع أسراب السنونو في مواسم الفرح ،
سنرجع مهما طال الزمان خبرني السنونو لنغسل وجع سنوات الغربة ولوعة الفراق.
سأرتمي على عتبة الدار وألثم أناملك الطاهرة ، ياوجع وحلم السنين وملاذ طفولتي ، تذرفين
الدمع الهتون وتخرج زفرات الوجد من شواطئ روحك المترعة بشوق سنين وسنين.
أكاد أسمع دقات قلبي تخفق بين حنايا ضلوعي التي أرهقتها برودة الشمال وقسوة حكايات
غابات التشرد ومرافئ الوداع والضياع. يوم رحلت وبقيت حلماً يخفق في ثنايا روحك الحزينة،
وعيونك التي ترقب عتبة الدار ، ترنو نحو الشمال تترقب عودة الغياب ، رحل الأحباب ولم
يعودوا وبقي حلم العودة طيفاً يداعب أرواحهم التي لم تعد تحتمل وطأة الشوق ولهيب النوى ...
حتى أنت ياوالدي ... ياورع وطهر العابدين ، وطيبة أهل الأرض ، ونبل فرسان حكايا أمي...
رحلت وبقي حلم العودة غصة في خبايا روحك المتعبة ، سنرجع يابردى الطهر والجمال ..
سنرجع مع نسائم الصباح ، مع قطرات الطل تلثم شفاه البابونج وشقائق النعمان ، مع تغاريد
الشحارير فوق الأكمة ، نفترش الحقول والبيادر تحت نجوم لامعة وسماء ليلكية
لنروي حكايا الغربة والحنين .