الفصل الأول
يسود الظلام أرجاء الكون ولجأ كل كائناته إلى النوم بحثا عن الهدوء النفسي إلا هي ( الأميرة هان ) سليلة ( آل سليم ) جلست بمفردها في شرفة غرفتها في قصر الحمراء وكان جمالها يفوق جمال الطبيعة الأندلسية من حولها وشعرها منسدل بأريحية تامة على كتفيها وأطرافه تداعب خديها بين لحظة وأخرى ، جلست تنظر إلى الفضاء حولها تبحث عن ملامح حبيبها ( أكرم ) الشاب الفقير الذي عشقها وتخيلته أمامها ينظر لها بولهٍ كبير وعشقٍ دفين فقالت له :
يا حبيبي
يا نبض السكون
وروح الوجود
يا سر الجنون
وهمس السجود
سكنت العيون
وعطر الورود
رأيتكَ صدفة
عرفتُ الحياة
وهبتك روحي
حتى الممات
نسيت الخصام
ومُر السكات
فجأة تهتز الأشجار أمام الشرفة ويبرز من بين أغصان الشجر وجه ( أكرم ) بملامح الشقاء والتعب وفي كل قسمة من قسمات وجهه ملمح من الرجولة بكل كبريائها وشموخها لذا عشقته ( نورهان )
صرخت ( نورهان )
لِمَ أتيت يا أملِي
أخاف عليك من أهلي
والعسكر مثل النحل حولي
إن رؤوكَ يا رجلي
سأروي بعدها ندمي
ابتسم ( أكرم ) وكأنه لم يسمع ما قالت لانه كان مشغول بالارتواء من جمالها حد الثمالة وكأنه مثل الصائغ يدقق في كل تفصيلة من تفصيلات وجهها :
أميرة قلبي
ونور عيوني
ينام الوجود
وقلبي شَهود
من قال عني
أخاف الجنود
من قال أني
أسير الوجود
أسيرك أنتِ
فأنتِ الحياة
وأنت الوريد
وأنتِ الضمير
وأنتِ الغدير
يسمعان صوتاً يقترب وكأنها خطوات لأحد جنود القصر فيقفز ( أكرم ) داخل الشرفة تجذبه ( هان ) إلى داخل غرفتها بسرعة وهي تتلفت حولها خشية أن يراهما من يقترب من المكان
وتنظر إلى عينيه تنسى خوفها ورعبها
لِمَ أتيتَ بلحظة جنون
أثرتَ الأعادي فتحت السجون
حياتك عندي نور العيون
رؤياك تبعث بنفسي الشجون
قلبك ينبض بنفسٍ حنون
عيونك قهري شفاهك مجون
تقترب الاصوات أكثر من مكانهما حتى ما بقي بينهما إلا ستار رفيع حتى تكاد أنفاسهما تصل لمسامع الجنود لكن ( أكرم ) لم يصمت
أميرة وجودي وسحر العيون
ومن قال أني أخاف الجنود
ليأتي جنودك وتُقتل ظنون
فقبلك حياتي كانت شجون
وعبثا ولهواً ونهر المجون
تضع ( هان ) بسرعة يدها على فمه لتمنعه من مواصلة الحديث خوفا عليه فيبتسم ويرفع يدها من فوق شفتيه وهو يقبل باطن كفها
سلمتْ يداكِ وسلمتْ شفاهك
فأنتِ مُنايا وروحي فِداكِ
ويبقى هوايا مضيئا عُلاكِ
سأصبح بموتي شهيد هواكِ
عزائي الوحيد يُحقق مُناكِ
ويصبح هوانا حكاية غرام
جمالك غاية تزين الكلام
حلمي بدونك بقايا حُطام
حياتي بدونك قصراً حرام
انتبه الجنود إلى صوت ( أكرم ) وأمسكوا به وجذبوه خارج غرفة الاميرة ( نورهان ) وكما دخل من الشرفة خرج من الشرفة وبقيت ( نورهان ) تبكي صامتة دون حراك .
نهاية المشهد الأول