النبي وقيام الليل

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه

فإن قيام الليل في رمضان وفي غيره شريعة ربانية، وسنة محكمة نبوية، ومدرسة تربوية إيمانية، روضة هنية ندية، وسعادة نفسية روحية، ونشاط وقوة جسمانية، وشوق وتعلق بالجنان العلية، دموع وعبرات قلبية وآهات وزفرات شجية، حينما يخلو المؤمنون بربهم فتتجافى جنوبهم عن المضاجع ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود، (قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) قال الحسن: كابدوا الليل، ومدوا الصلاة إلى السحر ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار.

يرغب الله سبحانه عباده المؤمنين ليقوموا له قانتين وعلى صلواتهم محافظين دائمين، (قَدْ أَفلَحَ المُؤمِنونَ * الَّذينَ هُمْ في صَلاتِهِم خَاشِعُونَ)، فالقيام لله تعالى ميزان لمعرفة من يعلم ممن لا يعلم قال تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) يعني: أنه لا يستوي من هو قانت في أوقات الليل ساجداً وقائماً مصلياً حمله على ذلك الحذر مما في الآخرة من العذاب والأهوال والمهالك والمخاوف، راجيا رحمة الرحمن الرحيم وعفو ومغفرة العفو الغفور؛ هذا لا يستوي مع من لم يفعل ذلك لتقصيره وعدم منافسته، فجعل من يحافظ على القيام من الذين يعلمون، ومن لم يفعل من الذين لايعلمون، وإنما يتذكر ويتنبه لهذا أهل العقول الراجحة، والنفوس الزكية والقلوب الواعية.

ولما كان قيام الليل من أعظم أسباب دخول الجنة ومن أعظم أسباب النصر والتمكين، والقيام بأعباء الدعوة والجهاد في سبيل رب العالمين، فقد جعله سبحانه فرضاً على نبيه الكريم  وعلى أتباعه في بداية الدعوة الإسلامية: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً *أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)، لماذا في الليل؟ (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً *إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً) إستعدادا لتحمل أمر الله تعالى (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) ، قال تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ *وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) قال ابن مسعود: إذا فرغت من المكتوبة فانصب في قيام الليل؛ بالصلاة والقرآن والتهجد ليبعثك ربك مقاماً محموداً (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)، وقال تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) يعني صل وتهجد وسبح مقدارا طويلاً، وأفضله جوفه (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) أي: اعبده واذكره بالتلاوة والصلاة في جوف الليل وخاصة آخره.

(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً *نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)، إنها دعوة لطيفة لكل متزمل بغطائه راقد على فراشه لينتبه إلى قيام الليل وذكر الله تعالى فيه، إنها دعوة السماء ونداء الكبير المتعال، قم للأمر العظيم الذي ينتظرك قم للتعبد، في مسلم أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ قال يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِى عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ . قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ بَلَى. قَالَتْ فَإِنَّ خُلُقَ نَبِىِّ اللَّهِ  كَانَ الْقُرْآنَ. فَقُلْتُ أَنْبِئِينِى عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ . فَقَالَتْ أَلَسْتَ تَقْرَأُ (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)؟ قُلْتُ بَلَى. قَالَتْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِى أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِىُّ اللَّهِ  وَأَصْحَابُهُ حَوْلاً (وفي أبي داود: حتى انتفخَت أقدامُهم) وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَىْ عَشَرَ شَهْرًا فِى السَّمَاءِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِى آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ.

(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)، فبقي القيام واجباً على رسول الله  فحسب، ومستحب لباقي الأمة، في مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يُرَغِّبُ فِى قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ فَيَقُولُ:[مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ] فَتُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، وأصله في الصحيحين،

وإن الأمر يسير على من يسره الله له، ومن أسباب ذلك أن تعلم: أن الذي يدعوك للقيام هو الله فعلى قدر تعظيمك لربك وحبك لمولاك وخوفك منه ومرادك للقائه والفوز بما عنده ستكون استجابتك، والذي يدعوك هو نبيك ، وأن تعرف فضائل هذه العبادة -وتقدم بعضها- فهي من أبواب الخير العظيمة

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أن النَّبِىّ  قَالَ:[أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ الليل]، قَالَ: ثُمَّ تَلاَ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ (يَعْمَلُونَ)، وفي ابن خزيمة وابن حبان بسند صحيح عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ َقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أرأيت إن شَهِدْتُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَصَلَّيْتُ الصلوات الْخَمْسَ وَصُمْتُ الشَهْرَ وقمتُ رَمَضَانَ وَآتيْتُ الزَكَاةَ؟ فَقَالَ النَّبِىُّ :[مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ]، وفي مسند عبد بن حميد عن أنس كان النبي  إذا اجتهد لأحد بالدعاء قال:[جَعلَ اللهُ عَليكُم صَلاةَ قَومٍ أَبرارٍ يَقومُونَ اللَّيلَ وَيصُومونَ النَّهارَ لَيسُوا بِأَثَمةٍ وَلا فُجّارٍ] صحيح الجامع (3097)

إن قيام الليل وصية نبينا  للمؤمنين كافة، في الترمذي عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ رَسُولِ اللَّهِ :[عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ] صحيح الجامع(4079) وفي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ :[يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ] وفي رواية لمسلم:[يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِى ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِى يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ ذَا الَّذِى يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ ذَا الَّذِى يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ فَلاَ يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِىءَ الْفَجْرُ] .

وقام عليه الصلاة والسلام بالناس عدة ليال في رمضان، في السنن عن جبير بن نفير عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِىَ سَبْعٌ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ. قَالَ:[إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ]، قَالَ فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاَحُ. قَالَ قُلْتُ مَا الْفَلاَحُ قَالَ السُّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ.

ولم يقم عليه الصلاة والسلام بالناس كل ليلة في رمضان خشية أن يفرض القيام عليهم فيعجزوا عنه،في الصحيحين عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ  فِى اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ  فَطَفِقَ رِجَالٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ الصَّلاَةَ. فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ  حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ تَشَهَّدَ فَقَالَ: [أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ شَأْنُكُمُ اللَّيْلَةَ وَلَكِنِّى خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا]

وكان من هديه  أنه يطيل القراءة حتى يصلي ثلث الليل أو نصفه أو أكثره، ويقرأ القرآن مترسلا يفسره تفسيرا، في رمضان وغيره، كما في الحديثين السابقين، وفي الصحيحين عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ  ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّى بِهَا فِى رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ:[سُبْحَانَ رَبِّىَ الْعَظِيمِ]، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ:[سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ]، ثُمَّ قَامَ طَوِيلاً قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ:[سُبْحَانَ رَبِّىَ الأَعْلَى]، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ.

وفي الصحيحين قَالَ ابن مسعود صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِىِّ  لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ، قُلْنَا وَمَا هَمَمْتَ قَالَ هَمَمْتَ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِىَّ . وفيهما قالَ رَسُولَ اللَّهِ :[أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا] وكان يقرأ -أحيانا- في كل ركعة قدر سورة المزمل وأحيانا قدر خمسين آية، في أبي داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :[مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطَرِينَ] الصحيحة (642) ويُسأل عليه الصلاة والسلام عن رجل قام على صلاة الفجر ولم يقم شيئاً من الليل فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :[ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِى أُذُنَيْهِ] متفق عليه.

بعض الناس يحتج بأدلة التخفيف ولا يتعرض لمثل هذه الأدلة، والصواب الجمع بينها، في المسند والسنن عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يَأْمُرُ بِالتَّخْفِيفِ وَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ. وأحيانا يقرأ بالطور أو المرسلات، وأحيانا بالأعراف وهي جزء تقريباً، في البخاري والسنن –واللفظ لأبي داود- عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ لِى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَا لَكَ تَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ قَالَ قُلْتُ مَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ قَالَ الأَعْرَافُ وَالأُخْرَى الأَنْعَامُ.

وكان يصلي أحدى عشرة ركعة أو أقل وتراً، في الصحيحين عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ  فِى رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يَزِيدُ فِى رَمَضَانَ وَلاَ فِى غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّى ثَلاَثًا، قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ. فَقَالَ:[يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَىَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِى]

وفي مسلم عن سعد بن هشام قَالَ: قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِى عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ . فَقَالَتْ كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّى تِسْعَ رَكَعَاتٍ لاَ يَجْلِسُ فِيهَا إِلاَّ فِى الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلاَ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَىَّ فَلَمَّا أَسَنَّ نَبِىُّ اللَّهِ وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَنَعَ فِى الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الأَوَّلِ فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَىَّ وَكَانَ نَبِىُّ اللَّهِ  إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَلاَ أَعْلَمُ نَبِىَّ اللَّهِ  قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِى لَيْلَةٍ وَلاَ صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ وَلاَ صَامَ شَهْرًا كَامِلاً غَيْرَ رَمَضَانَ. ويستفاد من الحديث أن الوتر وصف للعدد مقابل الشفع وليس محددا بواحدة أو ثلاث.

اللهم اعنا عل طاعتك وتقبل منا يارب فانت خبر الراحمين

إنها وصية جامعة ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله تعالى ، ويلتزم بأوامره ، ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه ، ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما خلقت له ، فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل

» من سنن النبي المهجوره.......
» جبل أحد يهتز تحت أقدام النبي
» وصف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
» ما هو اسمك في الليل عند الله ؟
» مدرسة الليل