الأسماك.. غذاء.. دواء
قال الدكتور الصيدلاني صبحي العيد.
عرف الإنسان قيمة السمك الغذائية منذ وجوده على الأرض ، وكان صيد الأسماك أول الأساليب التي قام بها للحصول على غذائه ، وعرف أيضا طرق حفظها وتخزينها سواء بالتجفيف أو التدخين كما نفعل اليوم .
كان السمك أكثر غذاء لملايين البشر وخصوصا السكان الذين يعيشون على الشواطئ الساحلية للبحار والأنهار ، وعرف العرب السمك منذ الماضي وورد ذكره في القرآن والأحاديث النبوية فقد قال رسولنا الكريم " أحلت لكم ميتتان ودمان : السمك والجراد والكبد والطحال ".
تعتبر الأسماك من الوجبات الشهية والهامة في قائمة الأغذية الصحية أو الأغذية السوبر ، لغناها بالأحماض الدهنية الأساسية والعناصر المعدنية والفيتامينات التي يحتاجها الجسم وأذكر هنا بعضا من فوائد السمك وكيف يمكنك أن تحصل على معظم المنافع الغذائية من السمك ، علما بأن معظم هذه الفوائد موجودة في السمك الطازج وليس المجمد .
يتمتع السمك بقيمة غذائية عالية فهو يحتوي على البروتين ، وهي بروتينات سهلة الهضم بشرط أن تكون طازجة ، ودهون تمتاز عن دهون اللحوم الأخرى بأنها أسهل هضما أيضا ، كما أنه مصدر ممتاز للفسفور الذي له دور بالغ الأهمية في حياة الأنسجة إذ يساعد العامود الفقري والأسنان على النمو كما يحقق التوازن الحامضي الأساسي في الدم والبول ، فمثلا 100 غم من السمك تحتوي على 230-240 ملغم من الفسفور ترتفع هذه الكمية إلى 750 ملغم في سمك التونة .
كذلك يحتوي على الكالسيوم والمغنيسيوم واليود فالكيلو غرام الواحد من السمك يقدم للإنسان من 0.2- 0.25 % من الكالسيوم وهذا لا يقدمه على سبيل المثال 5 كيلو من لحم العجل ، كما ويحتوي السمك على فيتامينات مهمة مثل فيتامين ( أ ) وفيتامين ( د ) وتختلف بمقاديرها من نوع سمك لآخر وهي تكثر في الكبد بشكل خاص وكما يعرف الجميع فوائد وأهمية زيت كبد الحوت المركز من هذه الفيتامينات.
أما فيتامين ب فهو يتركز في حراشف وعيون بعض الأسماك أما في اللحم فهو نادر لكن فيتامين ( سي ) غير موجود على الإطلاق في السمك وهذا ما يفسر إصابة البحارة قديما بالأمراض إذ كانوا يتغذون لأشهر طويلة بالسمك ولا يشربون إلا الكحول.
إن السمك ومنتجات زيت السمك المتواجدة بشكلها الصيدلاني ( حبوب جيلاتينية أو شراب بنكهات مختلفة للأطفال ) تعمل على رفع المناعة ومقاومة الأمراض وتقصير هجمة المرض وخصوصا الأمراض الفيروسية ( الرشح والانفلونزا وغيرها ) .
تعتبر الأسماك ومشتقاتها المصدر الرئيس لأوميغا3 وهو من الأحماض الدهنية الأساسية الذي لا يتكون في الجسم ،لذا لا بد من تزويد الجسم به من مصادر خارجية وأهم هذه المصادر السردين والتونة وسمك السلمون وزيت اللوز وزيت الكتان ( الزيت الحار ) الذي يضيفه المصريون للمدمس والفول .
تعتبر هذه الأحماض ضرورية جدا لصحة الجلد والقلب والعظام بالإضافة لأهميتها بتجديد خلايا الجسم ، حيث تباع هذه الحوامض في الصيدليات كمكمل غذائي تحت اسم أوميغا3 وقد وجد أن السمك وإذا ما تم تناوله بمعدل 3 مرات بالأسبوع لفترات طويلة يخفض من خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية عند الرجال والنساء وخصوصا مرضى السكري منهم ، كذلك يخفف خطر الإصابة بالسكتات القلبية حيث أنه يساهم في تنقية الدم مما يجعل ضخه من وإلى القلب أسهل خصوصا لمرضى تصلب الشرايين والضغط .
بالإضافة لذلك وجد أن تناول السمك ومنتجاته يساعد في تحسين الرؤيا وخصوصا الليلية لأنه يحتوي على حامض الدوكسيهيكسايونك DHA الذي يساعد على إنتاج الخلايا العصبية الحساسة في العين وذلك يقلل من الإصابة بارتخاء عضلة العين وإعتام العدسة التي تسببه الشيخوخة وبعض الأمراض مثل مرض السكري حيث يعمل هذا المرض على قلة التروية في العين وأجزاؤها .
يعتبر السمك ومستحضراته الصيدلانية وخصوصا أوميغا3 من أفضل الأدوية وأقلها آثار جانبية بتخفيض نسبة الدهون الثلاثية بالدم ( الترايجلسرايد ) والتي يجب أن لا تزيد عن 200ملغم / 100س س دم حيث أنه من المؤكد أن زيادة نسبة هذه المادة في جسم الإنسان تؤدي لتصلب الشرايين وسوء في الدورة الدموية في الجسم عامة.
كما أن زيادة نسبتها في الدم قد تؤدي لظهور مرض السكري نوع (2) لدى البالغين إذ أنه تحت تأثير هذا الارتفاع وجد أن الجسم لا ينتج هرمون الأنسولين بكميات كافية لحرق السكريات في الدم .
والسمك مثل بقية الأطعمة يتأثر بطريقة التحضير التي تساهم في زيادة المنافع أو تقللها فعلى سبيل المثال وجد أن طهي السمك بدون استخدام كميات كبيرة من الملح يساعد على الاحتفاظ بمحتواه من أوميغا3 وكذلك عدم المبالغة بطهي السمك حيث يساعد في الحصول على منافع السمك كاملة .
لذا تعتبر قطعة الفيليه مع بعض الخضراوات ( صحن سلطة ) وجبة صحية رائعة لجميع أفراد العائلة وخصوصا إذا أضيف لصحن السلطة قليلا من زيت الزيتون البلدي مع تناول العصير الطبيعي بدلا من تناول المشروبات الغازية كما جرت العادة.
هل للسمك أضرار ؟
هذا السؤال كثيرا ما يطرح والصحيح أن السمك ليس له أضرار على الإطلاق إذا اتخذت بعض الاحتياطات البسيطة ، لأن بعض الأشخاص يعانون من حساسية من السمك فيصابون بنوبة من الشري والأكزيما أو طفح جلدي بعد تناولهم للسمك وهذا ليس بالضرر والواقع هو عبارة عن تظاهرات تحسسية .
وعندما نستبعد هؤلاء الناس المصابين بالحساسية فإن السمك غذاء ممتاز وسوبر لا محذور إطلاقا على تناوله وخاصة بالنسبة للأطفال والرضع منهم حيث يعطى الطفل من 15-20 غم سمك مرتين لثلاث مرات في الأسبوع هذا المقدار من السمك يحتوي على فيتامين ( أ ) وفيتامين ( د ) تعتبر علاجا جيدا لتقوس الساقين أما غناه بالكالسيوم فيمنح الطفل أسنانا جيدة .
دراسة دنماركية حديثة حول فوائد تناول السمك :
لقد أوضحت دراسة دنماركية أجريت حديثا أن :
1- نسبة الإصابة بمرض القلب تنخفض بالبلدان التي يكثر فيها تناول المأكولات البحرية
2- أن تناول أوقية واحدة من السمك يوميا أو وقيتين بمعدل يوم بعد يوم أسبوعيا من الممكن أن تقلل خطر الإصابة بمرض القلب والشرايين بما يصل إلى 50%
3- إن نفس هذه الكمية من السمك المتناول أسبوعيا تزيد معدلات كوليسترول HDL المفيد للقلب وتعمل على إنقاص الدهون الثلاثية الضارة بنسبة لا تقل عن 2% شهريا بدون الآثار الجانبية التي تسببها بعض الأدوية الكيماوية الموصوفة عادة من قبل الأطباء لمثل هذه الحالات .
خلاصة القول أن الأسماك هي غذاء ودواء حقا وهي هبة الطبيعة والبحار التي يجب أن نحافظ عليها من التلوث لكي نحصل على أسماك طازجة بدون ملوثات وأمراض قد تعكس الفائدة من تناول هذه النعمة الإلهية التي قدر لها أن لا تنضب .