كان يوما خريفيا باردا، عندما استقر الهولنديون الي بيوتهم قبل غروب الشمس، فاليوم الأحد عطلة نهاية الاسبوع التي تتسم بالهدوء، ولكن هذه العطلة كان لها شأن آخر
، فلم تأت هادئة بل دامية لسكان حي «بايلمير» بقلب العاصمة أمستردام، ففي لحظات تحولت إحدي البنايات الضخمة لهذا الحي الي قطعة من جهنم، فكتل النيران تتهاوي علي الأرض لتصهر معها أجساد أكثر من 1500 شخص من السكان، بعدما اخترقت طائرة بوينج «747» تابعة لشركة العال الاسرائيلية لتجعل عاليه سافله.
المدهش ان ما حدث في حي بايلمير في 4 أكتوبر 1992، كان سيناريو مصغراً لأحداث 11سبتمبر في أمريكا، تشابهت التفاصيل بل تكاد تتطابق، سواء فيما يتعلق باختراق الطائرات للبنايات، أو في نوعية الأمراض التي ظهرت علي السكان في أمستردام ونيويورك، أو في انصهار هياكل الطائرات، وعدم العثور إلا علي أجزاء ضئيلة منها، وكذلك النيران الهائلة التي اشتعلت في بايلمير وأبراج المركز التجاري في نيويورك لحظة اصطدام الطائرات بها، والتي دللت علي ان وقود الطائرات ليس وحده السبب، بل إن هناك مواد كيماوية علي الطائرات كانت وراء هذه النيران.
«الوفد الأسبوعي» قررت أن تفتح الملفين بحثاً عن الحقيقة بالتزامن مع الذكري العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، ولطرح أسئلة منطقية ومقارنات مشروعة.
كنت تقريبا الصحفية العربية الوحيدة التي عاصرت حادث بايلمير في العاصمة أمستردام كمراسلة للوفد، ضمن عشرات من الصحفيين الهولنديين والاجانب هرعوا لمكان الحادث لنقله عبر الوسائل التي يعملون بها، لكن رجال الأمن طاردونا لنقف خلف الكردون الذي فرضوه حول مكان الحادث، وليبعدنا هذا الكردون مئات الأمتار عن موقع الحادث بزعم الخوف علي حياتنا، فيما ظهرت فجأة مجموعة من الرجال يرتدون الأقنعة والخوذات المزودة بأنابيب الأكسجين، ملابسهم بيضاء تشبه ملابس رجال الفضاء، للبحث بين حطام الحادث عن أشياء لم يتم الافصاح عنها وقتها، ووافانا المتحدث الرسمي للشرطة ببيانات أخذناها علي مضض في ظل الشكوك التي أحاطت الحادث، وقيل إن طائرة العال كانت محملة بالزهور الهولندية وفي طريقها من مطار سخيبهول الهولندي الي تل أبيب ، وأن خللا حدث بالمحرك، مما أدي الي اصطدام الطائرة بالبناية المكونة من أكثر من 10 طوابق.
غير ان ما أملي علينا وكتبناه في حينه وتناقلته وكالات الانباء كان منافيا للحقيقة، تلك التي بدأت تتكشف يوما بعد يوم بضغوط من رجال البرلمان الهولندي، ومنظمات حقوق الانسان ورعاية الصحة ومن الصحافة أيضاً، فقد بدأت أعراض أمراض خطيرة مجهولة السبب تظهر علي من نجوا من سكان بايلمير، امراض سرطانية، وأخري بالصدر، بجانب اصابة الجلد بتشوهات، وهرع هؤلاء الي المستشفيات وإلي المحاكم لطلب التعويضات، ورغم ان الحكومة كانت قد قدمت للضحايا تعويضات عاجلة، الا ان هذه الامراض فتحت أبوابا خلفية أخري للحادث، وظلت القضية تتداول في ملفات البرلمان، ولجان التحقيق، حتي كانت المفاجأة بعد مرور أكثر من 7 سنوات علي الحادث، ان طائرة العال لم تكن محملة بالزهور، بل بـ 2.5 طن من المادة الخام التي يصنع منها غاز السارين المدمر للأعصاب، والذي يستخدم كسلاح كيماوي ضمن أسلحة الدمار الشامل المحظورة عالميا، والمادة الخام هي ديميثيل ميثيلفوسفونات ومختصرها العلمي DMMP.
كانت هذه المواد قادمة من امريكا، وهبطت ترانزيت في هولندا قبل أن تواصل رحلتها لأحد المعامل بتل ابيب لتصنيع غاز السارين، وانقلبت الحكومة رأسا علي عقب، ولم يعد هناك مفر من الاعتراف بالكارثة، رغم تبريرات هولندا ان شركة العال خدعتها، وقامت بنقل الشحنة المحظورة بأوراق مزورة علي أنها زهور، ورغم اعلانها اتخاذ اجراءات عقابية ضد الشركة، إلا ان الحادث أكد حدوث عمليات نقل غير مشروعة لمواد كيميائية محظورة، تدخل في صناعة اسلحة للدمار الشامل من امريكا الي اسرائيل الشركاء في تحدي الحظر الدولي، وان سوء الحظ وحده هو الذي أدي الي اصطدام الطائرة ببناية بايلمير، ليتكشف جانب من وجه اسرائيل القبيح ووجه أمريكا الأكثر قبحاً والذي يكيل الأمن والسلام والعدالة بأكثر من ميزان.
وبذلك تم وضع النقاط علي الحروف، فما النيران الهائلة التي خلفها الحادث ، وما الحفرة العميقة في باطن الأرض التي بلغت أكثر من 60 مترا ، وما الامراض المجهولة التي ظهرت علي الناجين إلا من تداعيات احتراق مادة الـ «ديميثيل ميثيلفوسفونات».
وبعد 9 أعوام من بايلمير، كانت أحداث 11 سبتمبر تتجسد في سيناريو مماثل، أقلعت طائرتان من مطار بوسطن في طريقهما للوس أنجيلوس، الا ان طائرة منهما اخترقت البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي وبعد 18 دقيقة اخترقت الطائرة الثانية البرج الجنوبي، وبعد ساعة من اختراق الطائرتين للمركز التجاري، كانت طائرة ثالثة تحاول تدمير البنتاجون وبعدها بدقائق سقطت طائرة رابعة قرب بيتسبرج ببنسلفانيا، والغريب انه لم يتم تسجيل أو التقاط أي صورة للطائرة الرابعة المزعومة، ولم يعثر علي حطامها، ووزعت امريكا صورة للحفرة التي قالت إنها جراء سقوط هذه الطائرة، إلا ان الحفرة كانت تشير الي ان صاروخا وليس طائرة تسبب في هذه الحفرة، فمن اين لبن لادن وأعوانه بتنظيم القاعدة بمثل هذا الصاروخ، الذي يجب ان يكون عابرا للقارات لينطلق من دولة بعيدة الي بنسلفانيا، كما ان الطائرة التي اصطدمت بمبني البنتاجون، كانت طائرة ركاب نفاثة وكل الصور التي التقطها المصورون بالمباحث الفيدرالية لموقع الارتطام، لا تؤكد ان طائرة بوينج 757 هي التي ارتطمت بمقر وزارة الدفاع، بل طائرة حربية ولا تزال الحقائق غامضة للآن.
ويبدو ان ما حدث في «بايلمير» بالمصادفة وسوء الحظ، كان ملهما لتنفيذ عمليات 11 سبتمبر عام 2001، ويوجد بين الاثنين اكثر من رابط، فالطائرات في أحداث سبتمبر اخترقت برجي المركز التجاري، ولكنها هذه المرة عمد لا مصادفة، واشتعلت البنايات وكأنها قطعة من جهنم بنيران لم نشهدها من قبل، مما يدلل علي ان وقود الطائرات لم يكن وحده هو المتسبب في هذا الاشتعال بل مواد كيميائية اخري كانت علي متن هذه الطائرات، علي غرار ديميثيل ميثيلفوسفونات، وهي مادة لا تمتلكها إلا ثلاث دول في العالم بكميات كبيرة هي أمريكا، واسرائيل، وكوريا الشمالية.
كما ان انصهار هيكل الطائرات التي اخترقت البرجين، وعدم وجود الا بقايا ضئيلة منها، وكذلك احتراق اجساد الضحايا والتشوهات التي اصابتهم الي درجة انصهار جلودهم لا تفحمها، تدلل علي وجود هذه المادة الكيميائية الخطيرة.
يضاف الي ذلك ظهور أمراض خطيرة علي من قاموا بعمليات البحث والانقاذ في انقاض برجي مركز التجارة، وكذلك إصابة السكان المقيمين بمناطق متاخمة للبرجين، بما يؤكد ان أبخرة كيميائية خطيرة وراء هذه الاصابات والتشوهات، الأمر الذي استعدت له امريكا مسبقا بالترويج لأسطورة الجمرة الخبيثة وخطابات البودرة التي تحويها، فلم تكن الجمرة الخبيثة هذه الا سيناريو خبيثاً للتشويش علي اثار «الديميثيل ميثيلفوسفونات» المشتعل الذي سبب هذه الأمراض او غيرها من مواد كيميائية، وانطلاقا من كل هذا، فإن ملكية هذه المادة الكيميائية الخطرة والمحظورة كما سبق القول ينحصر في 3 دول: امريكا، اسرائيل، كوريا الشمالية مستبعدة بالطبع من تلك الاحداث، وهنا يدور الاتهام حول امريكا واسرائيل، او كليهما معا في تنفيذ هذه العمليات التي هزت العالم، وجرت الويلات علي المسلمين في كل مكان، حتي أن الكثيرين منهم يعانون من آثارها حتي الان في مهاجرهم الغربية، بسبب اجراءات القمع والمراقبة، وقوانين مكافحة الارهاب التي احاطت أعناقهم وكبلت انشطتهم السياسية والاقتصادية، وحولتهم الي مجرد اسماء في قوائم سوداء ارهابية تضعها امريكا تارة والاتحاد الاوروبي تارة أخري.
كما توجد قرائن اخري تشير الي تورط اصابع امريكية داخلية وراء الاحداث بمشاركة يهودية اسرائيلية، فقد تغيب يوم احداث سبتمبر اكثر من 700 يهودي كانوا يعملون في مركز التجارة العالمي، ونجوا من موت محقق، وهو اكبر دليل علي معرفتهم بموعد وقوع العمليات، وذلك من أجل خلق عدو جديد في العالم لمحاربته، ألا وهو المسلمون تحت تهم الارهاب والتطرف ولقد دفعت افغانستان ومن بعدها العراق ثمنا غاليا جراء احداث سبتمبر، وفقا لخطط وسيناريوهات امريكية تم تنفيذها بدقة.
هذه الاحتمالات كشفها صحفي التحقيقات الفرنسي تييري ميسان، الذي درس العلوم السياسية والذي شكك في كتابه حول احداث سبتمبر في قيام مجموعة من المسلمين العرب بهذه العمليات الارهابية، وكذب الاطروحات الأمريكية وأثار ضجة عالمية هائلة، وقال انه لم تتحطم أي طائرة علي مبني البنتاجون، وان ما حدث ليس سوي عملية «مونتاج» امريكي فطائرة البوينج 757 200، ضخمة تستطيع ان تقل 239 مسافراً وطولها 47.32 متر وعرضها 38.05 متر ووزنها مملوءة 115 طناً وتصل سرعتها الي 900 كيلو متر بالساعة، واذا ما كانت مثل تلك الطائرة قد اصطدمت بالفعل بالبنتاجون، لتسببت في اكبر قدر من الخسائر مما تم تصويره، ثم اين ذهبت الطائرة بعد الاصطدام، ولماذا لم يعثر علي هيكلها، وبالعودة الي الصورة الخاصة بوكالة الاسوشيتدبرس المنشورة علي غلاف الكتاب الفرنسي، نجد انه لم يكن هناك طائرة، علي الرغم من انه كان قد تم التقاط الصورة بعد دقائق فقط من الاعتداء، حيث تبدو سيارات الاطفاء وقد وصلت، لكن رجال الاطفاء لم يكونوا قد انتشروا بعد؛ ولم تكن الطوابق العليا للمبني قد انهارت، وعلي الرغم من ان عدداً من الرسميين والبرلمانيين والعسكريين قد زعموا انهم قد شاهدوا سقوط الطائرة، فلم يوجد هناك من رأي أي قطعة منها، ولا حتي آلية الهبوط ، ولم يعثر سوي علي بقايا صغيرة من المعدن، أما عدسات حراسة موقف سيارات البنتاجون، فإنها لم تر ايضاً طائرة البوينج في اي لحظة أو من أي زاوية.
أما ضرب برجي التجارة العالمي، فهو سيناريو آخر لم يصدقه حتي الرئيس المخلوع حسني مبارك الصديق الصدوق لامريكا ، والذي شكك في وجود اسلاميين أو عرب وراء الحادث، وقال مبارك في 15 سبتمبر بقناة الـ « سي ان ان» إن من فعلوا ذلك لا بد ان يكونوا قد حلقوا اكثر من مرة فوق تلك المنطقة لمعرفة العقبات التي سيصادفونها عند الطيران علي ارتفاع منخفض، وعندما سألته المذيعة «هل توحي بأن العملية أمريكية داخلية»، تدارك بقوله لا أريد الخروج بنتائج سريعة، وذكر محاورته بأوكلاهوما، وكيف توزعت الاتهامات تجاه العرب اولا، وثبت فيما بعد غير ذلك، وأردف انه كطيار سابق يؤكد ضرورة تدرب من قادوا الطائرات، وأنهم ليسوا هواة بل محترفين.
ونعود لكتاب تيري ميسان، والذي نفي بشدة امكانية سيطرة خاطفين عرب علي الطائرتين والركاب باستخدام «مشارط» كما اذيع، وان الترويج الأمريكي لاستخدام المشارط، للايحاء بلجوء العرب الي ذبح ضحاياهم، وقال كان يمكن لهؤلاء القراصنة تهريب أسلحة نارية، لانها تصنع بصورة متطورة من مواد لا يمكن كشفها في عمليات التفتيش بالمطارات، اما المشارط المعدنية فلا يمكن تهريبها ويتم كشفها بسهولة لأنها من المعدن.
وطرح الكتاب تحليلا أقرب للتصديق، بأن الطائرتين اللتين اخترقتا البرجين ، تم توجيههما من الخارج بأجهزة إرشاد، وفي المقابل كانت في برجي التجارة اجهزة جذب لاشارات الارشاد بطريقة آلية أوتوماتيكية، وبالتالي انجذبت الطائرتين عبر اجهزة التوجيه والارشاد الداخلي، ولم يكن يلزم بالتالي وجود خاطفين أو قراصنة يقودون الطائرات لاختراق البرجين، فمجرد التوصل الي قرصنة علي حواسيب قيادة الطائرتين قبل الاقلاع ، يسمح بالسيطرة عليهما في الجو بفضل تكنولوجيات منظومة «جلوبال هاواك» التي اخترعتها وزارة الدفاع الامريكية نفسها، بحيث يمكن ان تنطلق طائرة البوينج دون طيار، كما تساءل الفرنسي «تييري ميسان» في دهشة عن ذوبان جسمي الطائرتين، واشار ان البرجين او الطائرتين كان بهما مواد كيميائية او مخزونات من المتفجرات، ادت الي الحريق الهائل، والي ذوبان هياكل الطائرتين، لان هياكل البوينج لديها القدرة علي مقاومة النيران فترة طويلة، واذا ما تأثرت بالنيران فإنها تتكلس ولا تذوب او تتلاشي كما حدث، وهو تحليل اقرب لما سقناه آنفا، بوجود مواد كيميائية خطيرة أدت الي الانفجار والاشتعال الهائل علي هذا النحو.
واذا كنا قد تناولنا بالتحليل الرابط بين بايلمير وسبتمبر، فان الحقائق كاملة سيكشفها التاريخ، الذي لن يقف صامتا للأبد وسيفضح المجرمين الحقيقيين وراء أحداث سبتمبر، حتي وإن توزعت الاتهامات طويلا هنا وهناك لتصب علي عاتق المسلمين، إلا ان الغد سيظهر الحقيقة كما ظهرت حقيقة بايلمير بعد سنوات، حتي وأن مر علي عمليات سبتمبر اكثر من عشرة أعوام.
اللهم اضرب الظالمين بالظالمين
امين
تقبلوا تحياتى
منقول