وماذا بعد التيه ؟
وماذا بعد التيه ولم يبقَ مني ومنك إلا الظلال ؟
كل هذه الشطآن تستعد لملاقتي .. ومركبي يأبى الرسو إلا على شطآن عينيك ..
فهل سأبقى عائم على مرافىء الانتظار ؟
عيناك تتأرجحان بين مدٍ وجزر ..
ترفعهما موجة عابثة وتلقيهما أخرى فتدفنهما في الأعماق ..
تنظران إليَّ نظرة حائرة ولكني للحظة فقدت الجواب ..
لا الصمت في عينيك حدثني ولا الصمت على شفتيِّ ترجم الكلام .
لوهلة غرّك البريق الساحر في عينيه فتلعثمتَ وتزاحمت في رأسك الأفكار ..
رويداً رويداً ألقى إليك بجدائله الملفوفة بحبائل السحر فتعلقت بها تعلق الغريق
بقشة تطفو على سطح الماء .. وانتشلتك من يم الهوى الذي أغرقك عمراً وثبتتك فانوساً
وهاجاً في جبينه وعنواناً مضيئاً على ذلك الباب .
وطال الصمت ..
صمتك .. صمتي .. صمت الهوى ..
وأُخرست كل الألسن وفُقئت عين الضاد ورُملت الأبجدية في عقر دارها وتاهت كان وأخواتها في ذلك المحراب .
(غريبة ) هو اسمك .. هكذا نقشوه بالحروف الأولى على جبهتك ثم فتشوا جيداً في صدرك ..
عبثوا فيه .. لكنهم لم يفهموا أبداً من أين يُدَق في صدرك صدى تلك الأبواق ؟
لم يلحظوا ترقرق الرفض في عينيك ولا انتفاضة الحروف الساخرة بين شفتيك ولا أنين الضاد المثخنة في حناياك .
اليوم وأنا أدور في مركبي العائم حولك أدركت بأنك تهت بما يكفيك من التيه ..
وأنك أبحرت بعيدا ً عن كل الجزر والشطآن ..
وأن كلماته المسحورة إن طوقتك و أحكمت حول عنقك الوثاق فأنت ما زلت بحراً من الوفاء الحرّ لن يمحوه بريق عينيها الأخاذ ..
بحراً من الحب الخالص لن تغرقه كلماته الساحرة الملفوفة بكل بطائن المكر والدهاء .
أنت بحري أنا وشاطئي ومرساي .. وإن طال صمتك وصمتي .. وتعطلت لغة الكلام .