لست أنت !
حاولت ..وحاولت .. وحاولت ..
وباءت بالفشل جميع محاولاتي .
حاولت تثبيت صورتك في الإطار ففشلت ..
صورتك التي تاهت ذات زمان وذابت في غياهيب الدجى ..
رحلت وراء أسوار العدم .. أغواها الفراغ الممتد على شرفات الآخرين فرحلت خلفه ..
تاهت خلف احاديث من يخفي كل حقد وخبايا نفس مريضة
تاهت مع احلام الفتية حيث القلوب والخطط التي قتلت كل احلامي
كنت كلما شربت قهوة الفراق أنظر في قعر الفنجان ..
أبحث عن خطواتك الشاردة أين وصلت بها مسارات التيه ؟
فأجدك تتكئين على شرفات الحزن .. تقطفين أوراقه وتبللها بالماء علها تصبح رطبة عليك ..
علها تصبح حنونة عليك .. علها تكون أكثر دفئاً مني وحناناً .
ومضى زمن طويل وأنت تبلل أوراق الحزن الجافة حتى لا تتكسر في حلقك وتتبعثر في جوف هروبك .
كنت أذهب إليك هناك ..
أراقبك وأنت ترسمين وجوهاً مستبشرة على صفحات الماء ..
كنت أظنها قوالب بشرية .. حاولت كثيراً الإمساك بها فكانت فارغة من الأعماق ..
لم أدرِ ما السرُّ وراء رسم هكذا فقاعات ؟!
ومع ذلك بقيت هناك .. معك .. ولم أغادر ..
كنت أتتبع ضحكاتك الخجولة حين تهبط في
هناك وأراك كيف تشيحين بوجهك بعيداً عهم حين ترمقك منهم نظرات الإعجاب ..
كنت أعرف تماماً أنك تركضين كل ليلة لرسم وجوه جديدة أملاً في ألا تذوب
حين تظهرعليها شمس الصباح ..
تجعلها نجوم ليلك .. تحكي إليها قصتك اليتيمة وكيف هزَمتك أسوار عكا وأنت بجيوشك
التي تباهي بها الأمم لم تستطع أن تغير حرفاً في أبجديتها ..
الهزيمة مرّة ..
الهزيمة أمرّ من العلقم ..
ولكنك أصبحت من المتذوقين لهذا المرار .. ولهذا النوع من الهزائم ..
كما أنني أصبحت من رواد `ذلك المزار ..
المزار الذي كنت أزورك فيه كل صباح ..
أقابل طيفك خلسة عنك وأحاول لملمة ما تبقى من تلك الوجوه المستبشرة
قبل أن تذوب بين يديِّ .. وتطويها صحائف النسيان .
اليوم أتتني صورتك على استحياء .. تجرُّ خطواتها الثقيلة على نبضات قلبي المجروح ..
تحاول بجرأتها المعتادة وعنادها الأجوف أن تغير حرفاً في أبجديتي وقبل أن تمد لسانها لتلعق
مرارة الهزيمة .. حاولت تثبيتها في ذات الإطار ..
فباءت بالفشل محاولاتي ..
أنت لست أنت !