كل الأطفال في هذا العالم تبدأ حياتها بصراخ وعويل ,,
والأهل حوله يضحكون ,, الأطفال يلعبون ,,, الآباء يقهقهون ,,
والأم تصرخ صرخة لكن معالم الفرح ترتسم على خدودها ,,,
يوم يأتي هذا الطفل إلى الدنيا يكفهر الحزن خلف جبال الأمل ,,, وأصوات الضحك تهز جنبات
المنزل ,,, هنا وهناك شفاه تضحك ,,, وبعدها تكثر المناسبات ,,, الطفل يضحك ,,
الطفل يمشي ,,, حتى لو خرج سن للطفل فهناك عيد في المنزل ,,,
الجميع يراقبون حركاته وضحكاته وحتى بكاءه على لعبة انكسرت ,,, سريره امتلأ بالأغطية
الصوفية ,,, فالطفل لا يعرف معنى البرد ولم يذقه يوما ,,, هذا هو الطفل في كل بلدان العالم وهكذا
يعيش ,,, لكن قصتي تدور حول صراخها يعلو من السجن يهز السماء ويرافقها صوت بكاء
الطفل,,, كان يبكي بكاء شديدا وكأنه عرف منذ ولادته ما معنى أن تولد أسيرا ,,,
والأم تعلو صرخاتها ألما ,,, ولسان حالها يقول لما ألد هنا في السجن ,, فتأمرها الأسيرات أن تحتسب الله ,,, والطفل ذنبه انه ابن هذا الشعب العظيم ,,, كل يوم يبكي في الظلمة خلف القضبان ,,, انه أسير منذ طفولته ,,, رضع حليب السجن وذاق معها ويلات من الهم ,,,, و الأم تقطر دمعا على خد طفلها فيلتقط الدمعة بلسانه ,,, فيغمض عينيه من ملوحة الدمع ,,, ولكنه يتلذذ فيها عندما يشعر انه يقف إلى جانب أمه ,,, فيرضع إلى جانب الحليب دموعا وآهات ,,, هكذا عاش الطفل الأسير في سجن الاحتلال ,,, ومرت الأيام وانتهى الطفل من الفطام ,,, وكان يمشي بين جنبات السجن وجميع الأسيرات تصفق له ,,, يحاولون إسعاده بشتى الوسائل ,,, فما ذنب هذا الطفل أن يولد أسيرا ,,, أين حقوق الإنسان ,,, أين الأمم المتحدة ,, لماذا لم يسمع احد لصراخه يوم ولادته ,,, تعامت عيون العرب عنه ,,, ولم يسمع صراخه إلا عشر أسيرات كانوا معه في نفس الزنزانة ,,, وبدا الطفل يكبر ,,, ويحلم كأي طفل في الخامسة يحمل حقيبته ودفاتره ليذهب إلى مدرسته ,,, ولكن الطفل الأسير كان يمسك قلما ويخربش على أوراق لتكون رسالة يقدمها لهذا العالم الصامت ,,, ,عندما سال أمه يوما أين أبي أجابته أباك سبقنا إلى جنة الرحمن يا ولدي ,,, يا الله ,,, ابن شهيد وابن أسيرة وولد أسير في السجن ,,, ذاق من الويلات ما لم يذقها طفل في هذا الوجود ,,, وأخيرا أشرقت شمس الفجر ,,, وأعلن خبر الإفراج عنه ,,ولكن الخبر أبكى الطفل ,, فكيف له أن يترك أمه التي عاش معها سنين العزاب وتقاسما الهم سويا ,,, كيف له أن يتركها أسيرة الاحتلال ,,, فودعها وقبل يدها وقال هذا الإفراج لن يجلب للعدو إلا عملية استشهادية ,, وسأفجر تل أبيب وأحرر كل أسير وأسيرة ,,, أماه إني انتظرك مع والدي عند رب البرية