يمكن للانسان أن يدخل قلوب الاخرين دون ان ينطق بكلمة واحده اذ يكفيه سلوكه الناطق بالصفات الكريمة والاخلاق الحميده ...فكثيرا ما يترجم كلامنا على شكل سلوكات ولربما صمتنا الكثير تترجمه ذواتنا ...فمنا ما قد يمر على شريط طويل من معاناة الحياة وأسرارها دون ان يفهم ما مر به وذهب ورحل عنه ومنا من يمر عليه ويعلم كيف وماذا ولماذا؟هكذا كان شعوره فيها اثناء مروره لو نصف العمر ولكنه تداعى بعدم المعرفة والعلم لعل سلوكه عبر عن ما دار في ذهنه ودخل فكره ولكنه لم يتامل فيما مر به وترك منتصف ما مر به في القاع فأراد ان يبقى على السطح يطفو حتى لا يشعر بانه يختنق فيموت ..وبعضنا مر على ذاك الشريط الطويل من صراع الحياة ولحظات الالم ولكنه لابد له من ان يتكلم اكثر مما راه لعله يستطيع ان يوصف اكثر مما في جعبته المزيد من جرح ما رأته عيناه حتى ان لسانه قد فكت عقدته لان يسرد ويزيل مكنون ما أضعف ذاته حينما رأته عيناه وبعضنا رغبت نفسه ان يكون أعمى وهو يرى ..وان يفقد سمعه بالرغم من انه يسمع..وان يربط لسانه بالرغم من انه متحدث جيد..ولكن لا يستطيع أن يبوح بما يجعله يعجز بعد الكلام ويفقد صوابه ففضل العيش في الظلام وجلس في بقعة ما من زاويته التي اعتاد الجلوس فيها حينما يشعر بمفاجئات كثيرة تشعره بالصدمه ..وبعضنا تخوله نفسه أن ينعزل في غرفته لينفجر في البكاء والصراخ فلا يسمع عويله احد المارين فتلك وسيلة لتفريغ شحنات متأججه لصدمات أثقلت على النفس ...وبعضا من تراوده القهقهات الكثيرة تخفي ما ورائها كومة من الاحزان والاضطرابات كلها كانت ميكانزيمات للدفاع عن النفس عندما يدخلها تلك الازمات أثناء مرورنا هذا الشريط كاننا نشاهد شريطا سينيمائيا يتضمن مجموعة من الاحداث ..منها ما يجعلنا نصاب بالذهول ومنا ما يجعلنا نلتزم الصمت اكثر من فجعة المنظر ومنا ما يلجأ الى النفور والهروب والعزلة من المكان ومنها ما يجعلنا متحدثين لما رأته عيوننا من احداث ...تلك ما كانت تعبير واقعي عن ما تكنه الشخصية المتوازنه والتي أفقدتهاالحياة وكهلها اتزانهافجعلتها تتمثل بسلوكات ما قد تكون شاذه بعيده قليلا عن الهرم الطبيعي لمدلول النفس في معركة الحياة