سقـطَ الحصـانُ وأقفـرَ المـيـدانُ
ومشتْ تعـضُّ شفاهَهـا الفرسـانُ
ناديتُهـا قـبـلَ الـنِّـزالِ بأنـنـا
تحت السيـاطِ مصيرُنـا الخسـرانُ
ستـونَ عامـاً لا يُشَُّـد زِمامُـهـا
إلا وفـوق ظهـورِهـا الخصـيـانُ
ستون عامـاً لا نبـوحُ بمـا نـرى
إلا وقَــصَّ شفاهَـنـا السلـطـانُ
ستون عامـاً فـي مـدارِ حقولهـا
أبـداً نجـوعُ لِتَشْـبَـعَ البـعـرانُ
ستـون عامـاً مـن قصـورِ أكفِّنـا
رَبَتِ القصـورُ "وربـرب" الغلمـانُ
أذكـورةٌ هـذا الـذي نحيـا بــه
أم أنَّ كــلَِّ رجالِـهـا "نـسـوانُ"
أرتــابُ أن الآدمـيـةَ بعـضُـنـا
وأكــادُ أجــزمُ أنـنـا قطـعـانُ
قـد دَجّنتـنـا بالسـيـاطِ حثـالـةٌ
منهـا أجـلُّ وأعـظـمُ الأوثــانُ
مِنْ كـلِّ موبـوءِ السريـرةِ يومُـه
هَـزُّ البطـونِ وليـلُـه سـكـرانُ
شَرَفُ العروبـةِ أن تُـداسَ رقابُنـا
وَيّضَـخُّ فـي شرياننـا الإذعــانُ
أبوابُها فـي وجهنـا قـد أوصِـدَتْ
وإلـى اليهـودِ تَفَتّحـتْ سيـقـانُ
فإلى متى في الطينِ نغـرسُ رأسَنـا
وهنـاك تبكـي أهلَهـا الأوطــانُ؟
وإلى متى هـذي العروبـةِ رَحْمُهـا
ذهبـاً يفـورُ وشعبُهـا جوعـانُ؟!
وإلى متى ؟!وإلى متى ؟! وإلى متى؟!
حتـى تَـعُـدَّ رمالَـهـا الشـطـآنُ
صَمْتُ القبـورِ فـلا نهـشُّ ذبابـةً
ومـن القلـوبِ تمكّـنَ الشيـطـانُ
فاعشوشَبَتْ بيـن الصـدورِ حـزازةٌ
وَتَجَـذرَتْ فـي عمقِنـا الأضـغـانُ
وَتَسَلّلَـتْ عَبْـرَ المسـامِ ذئابُـهـم
تعـوي ، فَيقعـي تحتهـا الأقنـانُ
"كوهينُ" فـي كـلِّ الشـوارعِ ماثـلٌ
وعلـى يديـهِ تكـاثـرَ "الكـهـان"
وطني خَفَضْتُ لـكَ الجنـاحَ مذلـةً
وبكيـتُ حتـى ذابــتِ الأجـفـانُ
أنا ما ذَرَفْـتُ لـكَ الدمـوعَ تزلفـاً
لـكـنَّ ذنـبـي مـالـه غـفـرانُ
شُلَّـتْ يمينـي إن نسيتـكَ لحظـةً
هيهـاتَ تَنْسـى ساقَهـا الأغصـانُ
حتـى يُـرَجَّ القهـرُ مـن أركانِـه
وَيَخِـرُّ مـن عليـائـه الطغـيـانُ
قصيدة: وطني... للشاعر صبحي ياسين